الأربعاء، 7 يناير 2009

قصيدة (( بطاقة هوية )) للشاعر محمود درويش




بطاقة هوية




سجل ...


أنا عربي ...


و رقم بطاقتي خمسون ألف ...


و أطفالي ثمانية ...


و تاسهم ... سياتي بعد صيف ...


فهل تغضب ... ؟


سجل ...


أنا عربي ...


و أعمل مع رفاق الكدح في محجر ...


و أطفالي ثمانية ...


أسل لهم رغيف الخبز ...


و الأثواب و الدفتر ...


و لا أتوسل الصدقات من بابك ...


و لا أصغر ...


أمام بلاط أعتابك ...


فهل تغضب ... ؟


سجل ...


أنا عربي ...


أنا اسم بلا لقب ...


صبور في بلاد كل ما فيها ...


يعيش بفورة الغضب ...


جدوري ...


قبل ميلاد الزمان رست ...


و قبل السرو و الزيتون ...


و قبل ترعرع العشب ...


أبي من أسرة المحراث ...


لا من سادة نجب ...


و جدي كان فلاحا ...


بلا حسب و لا نسب ...


يعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب ...


و بيتي ، كوخ ناطور ...


من الأعواد و القصب ...


فهل ترضيك منزلتي ... ؟


أنا إسم بلا لقب ...


سجل ...


أنا عربي ...


و لون الشعر فحمي ...


و لون العين بني ...


و ميزاتي ...


على رأسي عقال فوق كوفيه ...


و كفي صلبة كالصخر ...


تخمش من يلامسها ...


و عنواني :


أنا من قرية عزلاء ... منسية ...


شوارعها بلا أسماء ...


و كل رجالها ... في الحقل و المحجز ...


فهل تغضب ... ؟


سجل ...


أنا عربي ...


سلبت كروم أجدادي ...


و أرضا كنت أفلحها ...


أنا و جميع أولادي ...


و لم تترك لنا ... و لكل أحفادي ... سوى هذي الصخور ...


فهل ستأخذها ... ؟


حكومتكم ... كما قيلا ...؟


أنا لا أكره الناس ...


و لا أسطو على أحد ...


و لكني ... إذا ما جعت ...


آكل لحم مغتصبي ...


حذار ... حذار ... من جوعي ...


و من غضبي ...






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق